إلى الموقف الذي يروم منح تصور معين عن المعرفة أو عن الأخلاق أو عن السياسة صفة الصلاحية المطلقة أو الكونية. وكان هابرماس قد انتقد هذه النزعة عند كانط. فهذا الأخير أسند إلى الفلسفة دور "المرشد" من جانب، وأسند إليها دور "الحكم الأسمى" من جانب آخر. لكن على الرغم من رفض هابرماس للنزعة التأسيسية يرى الباحثون أنه لم يسلم من الوقوع فيها. سأحاول في هذا المقال أن أتناول الإشكال من منظار نقاد هابرماس الذين آخذوه على هذه الشبهة، وفي مقدمهم جون رولز، وسأعرض للمسألة نفسها كما يراها ديريدا ورورتي.ج. رولزينحدر رولز وهابرماس من تقليدين فلسفيين متباينين. فرولز الذي أتى من تراث سيطر عليه الفكر السياسي النفعي المُشبَع بنزعة وضعية واضحة، يدافع عن أن الفلسفة السياسية بإمكانها أن تتخذ طابعا عموميا من دون أن تصادر أو تَصُدَّ التعدد الذي يميز الديمقراطيات المعاصرة، ومن دون أن تَصدر عن الافتراضات الميتافيزيقية المثيرة للجدل التي تسنِد هذا التعدد الذي تحتضنه هذه الديمقراطيات. أما هابرماس الذي شَبَّ عن الطوق بعد أن نََهَل من تراث مدرسة فرانكفورت، سليلة كانط وهيغل وماركس، فقد جدد النظرية النقدية وأعاد بناءها بناء معياريا على بنية التواصل البشري العمومي بعيدا، كما يدعي، عن كل فلسفة تاريخ كبرى أو ميتافيزيقا، مثله في ذلك مثل رولز.لكننا عندما ننظر إلى الأسباب التي قادت هابرماس ورولز إلى الحكم على المشاريع التأسيسية في الفلسفة السياسية بأنها مشاريع متهافتة، نلفيها أسبابا مختلفة في طبيعتها. أسباب هابرماس فلسفية خالصة أو تكاد، لها صلة وثقى بنقد النزعة التأسيسية الفلسفية ونقد الميتافيزيقا. فهو عندما يخلص في تحاليله إلى تصور مسطري للعقل (راجع كتابه: التفكير ما بعد الميتافيزيقي)، إنما ينتهي إليه انطلاقا من خلفيات هذا النقد الفلسفي في المقام الأول. أما أسباب رولز فتعد في الحقيقة أسبابا بعيدة عن الجانب الفلسفي وأكثر التصاقا بالجانب العملي. رولز يرى أنه إذا كان الغرض المتوخى من الفلسفة السياسية أن تصوغ إطارا يسمح بتسويغ سياسة يمكن للكل أن يقبلها، فإن غرضا كهذا لا يمكن الوصول إليه بالاستناد إلى النزعة التأسيسية، لأن الإجماع الطوعي على الأسس القصوى للأخلاق السياسية غير ممكن في سياق المجتمعات التعددية الحرة.رولز وهابرماس يتفقان إذاً على أن العقل لا يطوي في ذاته نموذجا ملموسا للصورة التي يكون فيها المجتمع عادلا وخيرا. لكن، ألا يصد هذا المسلك السلبي الذي يصطنعه رولز وهابرماس إمكانَ قيام مشروع فلسفي سياسي إيجابي؟ أليست الفلسفة السياسية مشروعا تسويغيا في نهاية المطاف، أي مشروعا يروم إبراز الكيفية التي تكون بمقتضاها السلطة المُقيِّدة المُجسَّدة في المؤسسات السياسية سلطةً مشروعة؟ ثم أليس التأثير القوي الذي مارسه رولز وهابرماس يرجع في جزء منه إلى الجواب النسقي الذي اقترحه كل منهما لهذا الإشكال؟الحديث عن تجنب الموقف التأسيسي ينبغي في الواقع أن يفهم في سياق هذا النقاش الميتافلسفي في معناه العام، وأن يُذَيَّل بكثير من الاحتياطات التي تُخفف من غلوائه. فالتسويغ شئنا ذلك أم أبينا يجب أن يحيل في نهاية المطاف على أساس معين. مسلسل التسويغ، بعبارة أوضح، لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية؛ يتعين عليه أن يتوقف عند حد ينتهي بالضرورة إليه. رولز يلجأ، مستلهما تشومسكي، إلى الحدوس الأخلاقية السياسية التي يملكها المواطنون بالفطرة، أي إلى الحدوس التي تمكنهم من الانخراط في التعاون الاجتماعي مع غيرهم على أساس حدود يشتركون سويا في قبولها، ويجعل من هذه الحدوس أساسا لا نحتاج بعده إلى أساس آخر وراءه لتسويغ أغراض الفلسفة السياسية. هابرماس من جهته يرى في مبادئ التخاطب العقلاني بواسطة اللغة الإطارَ الذي لا يمكن تلافيه في هذا الشأن؛ لأنه الإطار الذي يُنَشَّأُ فيه المواطنون اجتماعيا. لا أحد منهما يركب رأسه ويدعي أن أساسه يحيل على مبادئ ميتافيزيقية قصوى. وبهذا المعنى تكون فلسفة كل منهما غير تأسيسية. إنهما لا يزيدان في فلسفتيهما، كما يدعيان، عن كونهما يمثلان أو يعكسان أو يعيدان بناء ممارسات موجودة سلفا (الحدوس لدى راولز، ومبادئ التخاطب اللغوي عند هابرماس)؛ ولا يمكن لما يعيدُ بناءَه كل منهما أن يكون صالحا إلا بقدر ما ينجح في عكس هذه الممارسات وتمثيلها. الفلسفة عندهما، باختصار شديد، تلعب دور الوسيط بين الأشياء فقط لا غير، أو هكذا يبدو (عبد الله العروي تحدث عن دور الوساطة الذي أسند إلى الفلسفة في الأزمنة المعاصرة في كتابه الأخير السنة والإصلاح).من الجهة العامة نستطيع القول إن مشروعي رولز وهابرماس ينتميان إلى الأسرة نفسها. وهذا رأي رائج في كثير من الكتابات التي تناولت أعمالهما. بل إن هابرماس ورولز نفسيهما يعترفان بذلك في السجال الذي دار بينهما في مجلة الفلسفة (The journal of philosophy) في منتصف التسعينات. غير أننا عندما نعود إلى هذا السجال نفسه نعثر على كثير من الفروق بين المشروعين. بل إننا نجد رولز يتهم صراحة هابرماس بالميل إلى تأسيس الفلسفة السياسية على أسس تقع خارجها. يقول رولز في سياق تحديد مشروعه وبيان الفرق بينه وبين مشروع هابرماس (1995، ص 134):"الفكرة الرئيسة [عندي] هي أن الليبرالية السياسية تتحرك في نطاق مقولة السياسي ولا تتخطاه، وتترك الفلسفة في مكانها حيث هي. إنها تترك كل أنواع المذاهب الدينية والميتافيزيقية والأخلاقية على حالها، هي وتقاليدُها العريقة في التطور والتأويل. الفلسفة السياسية تعمل على نحو مستقل عن هذه المذاهب، وتعرض نفسها في حدودها الخاصة بوصفها شأنا مستقلا. لهذا السبب لا يمكنها أن تستدل أو تدافع عن قضيتها باللجوء إلى أي مذاهب شاملة (= ميتافيزيقية) أو بانتقادها أو رفضها".ثم يستطرد مفصلا القول في الكيفية التي يفهم بها هابرماس الأمور (ص 135- 136): "من زاوية أخرى يكون موقف هابرماس مذهبا شاملا، يتناول أمورا كثيرة تتخطى مجال الفلسفة السياسية. فالهدف الذي ترمي إليه نظريته عن الفعل التواصلي هو عرض رصد عام للمعنى والإحالة والصدق أو الصلاحية، رصدٍ يتناول العقل النظري كما يتناول صورا شتى من صور العقل العملي. فهو يرفض النزعة الطبيعية والنزعة الانفعالية في الاستدلال الأخلاقي، ويتوق إلى الدفاع عن العقل النظري والعملي. زد على هذا: إننا نُلفيه في مناسبات كثيرة ينتقد الرؤى الدينية والميتافيزيقية.... [ يستشهد رولز هنا بنص من مقدمة كتاب هابرماس: بين الوقائع والأعراف]. الليبرالية السياسية عندي لا تعمد أبدا إلى إنكار هذه المذاهب أو التشكيك فيها متى ما كانت معقولة سياسيا. فكون هابرماس يرى غير ذلك في هذه النقطة الجوهرية يعد جزءا من رؤيته الشاملة".نحن إذا أمام فهم يتهم هابرماس بالشمولية التي تعني في اصطلاح رولز أن هابرماس يصدر في فلسفته السياسية عن مواقف ميتافيزيقية خارجة عن الفلسفة السياسية. المشروعان بعبارة أخرى لا ينتميان إلى الأسرة نفسها..!إن هذه القراءة لمشروع هابرماس لا ينفرد بها رولز وحده. نجدها عند ديريدا وعند رورتي أيضا. فهما بدورهما يرفضان دعوى هابرماس القائلة بوجود صلة وثقى بين الكونية والعقلانية من جهة، والديمقراطية من جهة أخرى، أي يرفضان النظر إلى الديمقراطية الدستورية بوصفها لحظةً في مسيرة تطور العقل مقرونةً بظهور الصور الكونية للقانون والأخلاق. إنهما لا يقولان بوجود أساس، كالعقل أو مبادئ التواصل العقلاني، يستطيع أن يضمن إمكان قيام صيغة في الحجاج تتعالى عن شروط إنتاجها الخاصة (راجع شانتال موفي 1996: 1).لكن ما يجب ألا يغيب عن بالنا هنا هو أن الخلاف الذي نتحدث عنه بين رولز وديريدا ورورتي من جهة، وهابرماس من جهة أخرى، خلاف فلسفي وليس سياسيا. فالنقد الذي يوجهونه إلى العقلانية والكونية، أو إلى المنحى التأسيسي في مشروع هابرماس لا يحول بينهم وبين التزامهم القوي، مثل هابرماس نفسه، بالدفاع عن الشق السياسي من فكر الأنوار المتصل بالمشروع الديمقراطي. فهم يشاركونه التزامه ولا يخالفونه الرأي إلا لأنهم لا يرون مثله أن الديمقراطية تحتاج إلى أسس فلسفية تنهض عليها، ولا يذهبون مذهبه القائل إن مؤسسات الديمقراطية لا تكون في مأمن إلا إذا استندت إلى أساس عقلاني. موقف هابرماس هذا إذا نحن تأملناه مليا يكتسي طابعا "إمبرياليا"؛ لأنه يستلزم تقديم مؤسسات المجتمعات الغربية الليبرالية كما لو أنها مؤسسات تعرض حلا عقلانيا لمشكل الاجتماع البشري، أي تعرض حلا يتعين بالضرورة على الآخرين أن يتبنوه إذا أرادوا الإقلاع عن لاعقلانيتهم. فهابرماس لم يتخل، على الأقل حسب رورتي، عن المهمة المستحيلة التي تنشد العثور على مقدمات محايدة من الناحية السياسية تكون سائغة في أعين كل الناس تسمح لهم باستنتاج واجب السير قدما في السياسات الديمقراطية. فهذه السياسات تستحق في نظر نقاد هابرماس أن ندافع عنها ونناضل من أجلها، لكن من العبث أن نُفَصِّل مشروعا يروم البحث عن حجج لا تكون متوقفة على السياق تؤيدها.Habermas, J. “Reconciliation Through the Public use of Reason: Remarks on John Rawls's Political Liberalism”. The Journal of Philosophy, Vol. 92, No. 3 (Mar., 1995), 109-131.Mouffe, Ch. “Deconstruction, Pragmatism and the Politics of Democracy” in Deconstruction and Pragmatism. Edited by Chantal Mouffe. Routledge , 1996.Rawls, J. “Political Liberalism: Reply to Habermas” The Journal of Philosophy, Vol. 92, No. 3 (Mar., 1995), 132- 180.Publié par mustafa haddad à l'adresse 8:26 م 0 commentaires Libellés : فلسفة
تحرير التعليم
صدر للكاتب المغربي الأستاذ محمد ياسين العشاب كتاب "تحرير التعليم" في 160 صفحة من القطع المتوسط، يتطرق فيه لمختلف الإشكاليات التي ارتبطت بتطور قطاع التربية والتعليم بالمغرب.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة محاور رئيسية، يتطرق في الأول منها لتحليل تاريخي عميق لأزمة التعليم في المغرب على اعتبار أن الواقع الراهن هو نتيجة لتراكمات متعددة، ومن بين الإشكاليات التي أثارها الكاتب ضمن هذا المحور قضية الأمازيغية واللغة العربية والهوية، ومخططات الاستعمار لتحويل مسار التعليم في اتجاه خدمة مصالحه الاستراتيجية منذ "الظهير البربري" إلى ما بعد الاستقلال، وقضية الفرنكفونية وأسباب انتشارها القوي في جسم التعليم المغربي...
وأثناء تطرقه للمراحل الصعبة التي اجتازها التعليم المغربي أثناء فترة الاحتلال الأجنبي أشاد المؤلف بجهود رواد الحركة الوطنية والعلماء في مجابهة مخططات المستعمر، لكنه في نفس الوقت وجه إليهم انتقادات شديدة في مواضع أخرى من الكتاب.
ومن بين فقرات المحور الأول نقرأ في معرض حديثه عما أسماه الكاتب "الإعصار الفرنكفوني" الذي اجتاح التعليم بقوة أكبر بعد الاستقلال:
" ... وفي غمرةِ الفساد السياسيِّ والانشغال بالمآسي التي كانت تعاني منها البلاد، كان الإعصار الفرنكفونيُّ يجتاحُ على جميع الأصعدة والمستويات، لا يَصُدُّهُ صَادٌّ ولا يحول بينه وبين التقدمِ شيء، فمع تمهيد الساحة السياسية يأتي ترسيخ التواجد الاستعماري ثقافيا، لاسيما على مستوى التعليمِ باعتباره مجالا حيويا حَرِيًّا بالاستهداف، وجاء دور الذين تخرجوا من المدارس الرسمية العصرية فتشبعوا بثقافة الاستعمار دون إدراك ووعي، فأُسنِدت إليهم سائر المهام، أما خريجو القرويين وابن يوسف والمعاهد الحرة فأُغلقت في وجوههم الإدارات والميادين الهامة، ما دامت تُسيَّرُ باللغة والثقافة الفرنسية، وتمَّ إلحاق المحظوظين منهم بدواوين الوزارات لتحرير الخطب الرسمية للوزير، ما دام "الاستقلال" يفرض إلقاءها باللغة العربية، ومادام "الوزراء" لا يفقهون إلا اللغة الفرنسية، وكلما ولَجَ مواطنٌ أبوابَ وزارةٍ أو إدارةٍ أو غيرها لم يجد فيها مثقفا واحدا باللغة العربية يتحدث إليه!
وكان الإحباطُ قويا والناسُ يتوافدونَ بأبنائهم وبناتهم على المدارس الرسمية، حتى حُوصِرَتِ المدارس، وأَلَحَّ الآباءُ والأمهاتُ على أبوابها ليحصُلوا على المقاعد المطلوبة، كان أملهم كبيرا وهمتهم متعلقة بتعليم أبنائهم وتأهيلهم للمساهمة في بناءِ وطنهم، فقد وَلَّى العهد الذي كانوا يحذَرُون فيه من إرسالِ أبنائهم إلى المدارس، فلطالما حَرَمُوهم من التعليمِ خوفًا عليهم من التَّغَرُّبِ والعمل مع سلطات الحماية، حتى إذا أقبل الاستقلالُ أَقبَلُوا بأبنائهم عليها بنية ووعي ساذجين.
لم يُدرِكوا أن ما تخوَّفُوا منه على أبنائهم من قبلُ قد ازدادَ قوة وأهمية، وأن المهامَّ الأكثر حيويَّةً في البلادِ إنما تُسنَدُ للنخبة الفرنكفونية، وأن القبولَ الواسعَ في التعليم الرسمي يعني في جانبٍ منه الدفعَ بالتعليم الأصيل والحر إلى الهامش، لأن اجتماعَ أبناء المغاربة على المدارس الرسمية يسهل توحيد التعليمِ وعدم تجزئته إلى أصلي وغير أصلي، مع تكريس الفرنكفونية وتقليص أو إقصاء المواد الإسلامية من التعليم الرسمي، الأمر الذي يفسر مسارعةَ المسؤولين إلى استيعاب الأعداد الهائلة من الوافدين على التعليم ولو باتخاذ إجراءاتٍ ارتجالية وسريعة ومؤقتة". [1]
أما المحور الثاني فنجده تحت عنوان: الحكم للبنك الدولي، ويتمحور حول أزمات التعليم التي نتجت منذ بداية مرحلة الثمانينيات عن تدخلات وإملاءات البنك الدولي، كما يتضمن مطلبا خاصا ينتقد فيه الكاتب طريقة تعامل علماء المغرب مع السلطة وأسلوبهم في الدعوة والإصلاح، ويحملهم فيه مسؤولية إخلاء الساحة لما يسميه "المد الفرنكفوني" الذي تدعمه الدولة للتلاعب بهوية الأمة والتحكم في مناهج التعليم والمسار التربوي، وخضوعهم لسيطرة "التدافع السياسي" الذي جعل منهم "كتلة مدجنة" يوازن بها الحكم كفتي المواجهة بين "اليمين" و"اليسار".
ولعل من بين أهم الإشكاليات التي تطرق لها المحور الثاني في الكتاب ما يسميه الكاتب "ديكتاتورية السوق" وهيمنة الفكر الرأسمالي على المضمون التربوي للتعليم، ويهاجم بشدة خوصصة التعليم التي أحرقت مضمونه التربوي وفتحت المجال للمتمولين الكبار ليحولوا التعليم إلى "سلعة"، ونقرأ في معرض الحديث عن "تسويق التعليم" هذه الفقرات:
"... دائرةٌ مفرغةٌ يدورُ فيها الإنسانُ الذي لم يَعُدْ يصلُحُ إلا للاستهلاك، وآلةُ إنتاجٍ لا تتوقفُ لحظةً إلا لتعمَل، وتنافسيَّةٌ عمياءُ لا يَبِينُ لها غيرُ الربح، تُغرِقُ بلدانَنَا الْمُفَقَّرَةَ الْمُجَهَّلَةَ في محيطِ الاستهلاك، وتَغْمُرُ كيانَ الإنسانِ من المهدِ إلى اللحد بما تتقنُهُ من ألوان الإشهار وفن التسويق، حتى يفقدَ معناهُ وجدوى تصرفاته، ويدفع به التعليم المُسَوَّقُ الذي تربّى في أحضانه إلى الاستهلاكِ باستمرار، ولا يسألُ الرأسمالُ المتوحِّشُ عن فائدةِ الإنتاجِ ولا عن مدى قدرة المواردِ والموادِّ الخامِّ على توفيرِ المزيد، فليس يهمه إلا أن يستمرَّ الاستهلاكُ بمزيدٍ من الدعايةِ والإشهار، ولو بتدجينِ عقل الإنسانِ حتى يَظَلَّ يلهثُ في طلبِ المنتجاتِ وإن فَرَغَتْ منها الأسواق، ولو برَهْنِ مصيرِهِ وحاضِرِهِ ومستقبلِه بها، وغزْوِه في سائر الميادينِ والمجالاتِ التي تتكوَّنُ فيها شخصيتُه، حتى تتشَكَّلَ وتَصَاغَ بما يريدُهُ السوق، ولو بحرمانهِ وتعاستِهِ من أجلِ رفاهيةِ وسعادةِ أربابِ المال.
... وتتغَيَّرُ القناعاتُ بشكلٍ لا شعوري، فتغدو المعرفةُ سوقًا والسوقُ معرفة، وتغزو روحُ الاستهلاكِ المدارس، فتتربى الناشئةُ في مناخٍ اِستهلاكيٍّ حار، تسيطرُ على مخيلتها الصور والألوانُ التي تشاهدها في التلفزة والأنترنت والمجلات والجرائد ولافتاتِ الإشهار في الشارع، ويتولَّدُ لديها الشعور بالحرمانِ كلما تطلَّعت للمزيد، وليس يشفي غليلَها من ذلك شيءٌ مهما كَدَّ الآباءُ واجتهدوا في إرضاء فلذات أكبادهم، ومهما بَذَلُوا لتربيتهم على القيم لم يُدْرِكُوا إلا فائدةَ المزايا المادية، وقَصُرَ فهمُهم للمجتمع والحياةِ في ظلِّ تعليم السوق وسوق التعليم". [2]
ونصل إلى المحور الثالث الذي يعالج إشكاليات أخرى عن علاقة التعليم بالتنمية، وعلاقة الجامعة بالمجتمع، وأثناء معالجة تلك الإشكاليات ينتقد الكاتب كثيرا من مواد وفصول "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، بينما يتطرق غالب هذا المحور لإشكاليات تتعلق بالتعليم القرآني والتعليمين الأصيل والعتيق وجامعة القرويين، وسبل الإصلاح الممكنة للتعليم من منظور خاص ذي مرجعية إسلامية محضة، وهو ما يتجلى بشكل أقوى وأوضح في المطلبين الأخيرين للكتاب.
نقرأ من خاتمة الكتاب:
"كيف يتسنى للأمة أن تساهم في النهوض بتعليمها وفق اختياراتها وهويتها؟
كيف تفعل وهي تَبَعٌ مجرورةٌ مسحوبةٌ بقيود ثقيلة في ركاب النخبة المغرَّبة، تسير بها من سيء إلى أسوء، وتحرمها حق التعبير عن نفسها بنفسها؟
... مناهجُ متعددةٌ وبرامجُ ومخططات، ولقاءاتٌ وحواراتٌ واجتماعات بُذِلَتْ وتُبْذَلُ فيها الأموال، وكَيَانُ التعليم في كل مرة منها يتمزق رويدا رويدا، ويَهْوِي به سَدَنَةُ الاستعمار المتسللون عبر سراديب القرار إلى حضيض التبعية والانفصام، فلا تزيده المناهج والبرامج المتجددة إلا انحسارا وانكسارا، وينسرب بينها الغرس اللائيكيُّ الذي نما واستطال في مشاتل أنظمة التعليم، فلا يزيدها إلا خسارا، ويُلْتَمَسُ شفاء الأدواء وعلاج الأوباء التي نَخَرَتْ جسمَه من وصفات البنك الدولي، ويعدو وراءها الخَلْفُ المهزوم حضاريا وسياسيا ليتقمَّمَ ما يفضُلُ من موائد غُزَاةِ الأمسِ أُسَاةِ اليوم، ويَرْوِيَ غُلَّتَهُ بثُمَالة شرابهم، ويَغْمُرَ عقولَ بنيهِ في حُثَالَةِ فكرِهم، فلا يزيدُ جسمَ التعليم إلا سَقَاما.
وتسقطُ القيمُ وتغتِرِبُ الأخلاقُ والشِّيَم، ويَحكُمُ السوقُ أن نحيى في عقر ديارنا وبين أهلينا غربةَ المَنْفِيِّ المذءوم، لا الإعلامُ ولا الثقافة ولا الفن ولا التعليم المفروض علينا يلائم هويتنا، ولا الحياة التي يغرقنا في يَمِّهَا السوق شاءت لنا كرامةً أو أمنا، ولكنها المصالحُ تقضي بالعزة لمن تشاء وتذل من تشاء، وتسيطر على المعرفة، وتقتحم التعليمَ لتفرغه بأطماعها من جدواه، فإذا به ينسلخ من مضمونه التربويِّ شيئا فشيئا، حتى يصبح تعليمًا من غير تربية، وما نَفَعَ تعليمٌ بغير تربية.
وليس يغني عن التعليم شيئا أن يقترن دائما بمصطلح التربية لفظًا بغير روح، ومبنًى بغير معنى، أو أن يتصدى له موظفونَ يتلقون الأجرة آخرَ الشهر لا تعنيهم في شيءٍ رسالة التعليم وجوهر المعرفة وغاية العلم، وما كان للتربية أن ينضد زهرها ويعبق ريحها وينتشيَ المتلقي بطيب شذاها إن لم تكن أسوةً حسنةً من المُرَبِّي المعلم، لأنها تذبل وتتهشم وينكفئُ أثرها إن كانت كَلاَمًا ونظرياتٍ لا يعكسها سلوكٌ ولا تجسدها قدوة.
... إنه لا صلاحَ ولا إصلاحَ لتربية ولا تعليم إلا إذا كان نابعا من إرادة الأمة وذاتيتها، تسهم فيه بطاقاتها وقواها الصادقة بعيدا عن آفة الاستلاب وأغلال التبعية، وقريبا من المعاني التربوية الأخلاقية الإنسانية، لتنطلق به إلى أفق الحرية الذاتية، وتسمو به إلى مكانته اللائقة التي
صدر للكاتب المغربي الأستاذ محمد ياسين العشاب كتاب "تحرير التعليم" في 160 صفحة من القطع المتوسط، يتطرق فيه لمختلف الإشكاليات التي ارتبطت بتطور قطاع التربية والتعليم بالمغرب.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة محاور رئيسية، يتطرق في الأول منها لتحليل تاريخي عميق لأزمة التعليم في المغرب على اعتبار أن الواقع الراهن هو نتيجة لتراكمات متعددة، ومن بين الإشكاليات التي أثارها الكاتب ضمن هذا المحور قضية الأمازيغية واللغة العربية والهوية، ومخططات الاستعمار لتحويل مسار التعليم في اتجاه خدمة مصالحه الاستراتيجية منذ "الظهير البربري" إلى ما بعد الاستقلال، وقضية الفرنكفونية وأسباب انتشارها القوي في جسم التعليم المغربي...
وأثناء تطرقه للمراحل الصعبة التي اجتازها التعليم المغربي أثناء فترة الاحتلال الأجنبي أشاد المؤلف بجهود رواد الحركة الوطنية والعلماء في مجابهة مخططات المستعمر، لكنه في نفس الوقت وجه إليهم انتقادات شديدة في مواضع أخرى من الكتاب.
ومن بين فقرات المحور الأول نقرأ في معرض حديثه عما أسماه الكاتب "الإعصار الفرنكفوني" الذي اجتاح التعليم بقوة أكبر بعد الاستقلال:
" ... وفي غمرةِ الفساد السياسيِّ والانشغال بالمآسي التي كانت تعاني منها البلاد، كان الإعصار الفرنكفونيُّ يجتاحُ على جميع الأصعدة والمستويات، لا يَصُدُّهُ صَادٌّ ولا يحول بينه وبين التقدمِ شيء، فمع تمهيد الساحة السياسية يأتي ترسيخ التواجد الاستعماري ثقافيا، لاسيما على مستوى التعليمِ باعتباره مجالا حيويا حَرِيًّا بالاستهداف، وجاء دور الذين تخرجوا من المدارس الرسمية العصرية فتشبعوا بثقافة الاستعمار دون إدراك ووعي، فأُسنِدت إليهم سائر المهام، أما خريجو القرويين وابن يوسف والمعاهد الحرة فأُغلقت في وجوههم الإدارات والميادين الهامة، ما دامت تُسيَّرُ باللغة والثقافة الفرنسية، وتمَّ إلحاق المحظوظين منهم بدواوين الوزارات لتحرير الخطب الرسمية للوزير، ما دام "الاستقلال" يفرض إلقاءها باللغة العربية، ومادام "الوزراء" لا يفقهون إلا اللغة الفرنسية، وكلما ولَجَ مواطنٌ أبوابَ وزارةٍ أو إدارةٍ أو غيرها لم يجد فيها مثقفا واحدا باللغة العربية يتحدث إليه!
وكان الإحباطُ قويا والناسُ يتوافدونَ بأبنائهم وبناتهم على المدارس الرسمية، حتى حُوصِرَتِ المدارس، وأَلَحَّ الآباءُ والأمهاتُ على أبوابها ليحصُلوا على المقاعد المطلوبة، كان أملهم كبيرا وهمتهم متعلقة بتعليم أبنائهم وتأهيلهم للمساهمة في بناءِ وطنهم، فقد وَلَّى العهد الذي كانوا يحذَرُون فيه من إرسالِ أبنائهم إلى المدارس، فلطالما حَرَمُوهم من التعليمِ خوفًا عليهم من التَّغَرُّبِ والعمل مع سلطات الحماية، حتى إذا أقبل الاستقلالُ أَقبَلُوا بأبنائهم عليها بنية ووعي ساذجين.
لم يُدرِكوا أن ما تخوَّفُوا منه على أبنائهم من قبلُ قد ازدادَ قوة وأهمية، وأن المهامَّ الأكثر حيويَّةً في البلادِ إنما تُسنَدُ للنخبة الفرنكفونية، وأن القبولَ الواسعَ في التعليم الرسمي يعني في جانبٍ منه الدفعَ بالتعليم الأصيل والحر إلى الهامش، لأن اجتماعَ أبناء المغاربة على المدارس الرسمية يسهل توحيد التعليمِ وعدم تجزئته إلى أصلي وغير أصلي، مع تكريس الفرنكفونية وتقليص أو إقصاء المواد الإسلامية من التعليم الرسمي، الأمر الذي يفسر مسارعةَ المسؤولين إلى استيعاب الأعداد الهائلة من الوافدين على التعليم ولو باتخاذ إجراءاتٍ ارتجالية وسريعة ومؤقتة". [1]
أما المحور الثاني فنجده تحت عنوان: الحكم للبنك الدولي، ويتمحور حول أزمات التعليم التي نتجت منذ بداية مرحلة الثمانينيات عن تدخلات وإملاءات البنك الدولي، كما يتضمن مطلبا خاصا ينتقد فيه الكاتب طريقة تعامل علماء المغرب مع السلطة وأسلوبهم في الدعوة والإصلاح، ويحملهم فيه مسؤولية إخلاء الساحة لما يسميه "المد الفرنكفوني" الذي تدعمه الدولة للتلاعب بهوية الأمة والتحكم في مناهج التعليم والمسار التربوي، وخضوعهم لسيطرة "التدافع السياسي" الذي جعل منهم "كتلة مدجنة" يوازن بها الحكم كفتي المواجهة بين "اليمين" و"اليسار".
ولعل من بين أهم الإشكاليات التي تطرق لها المحور الثاني في الكتاب ما يسميه الكاتب "ديكتاتورية السوق" وهيمنة الفكر الرأسمالي على المضمون التربوي للتعليم، ويهاجم بشدة خوصصة التعليم التي أحرقت مضمونه التربوي وفتحت المجال للمتمولين الكبار ليحولوا التعليم إلى "سلعة"، ونقرأ في معرض الحديث عن "تسويق التعليم" هذه الفقرات:
"... دائرةٌ مفرغةٌ يدورُ فيها الإنسانُ الذي لم يَعُدْ يصلُحُ إلا للاستهلاك، وآلةُ إنتاجٍ لا تتوقفُ لحظةً إلا لتعمَل، وتنافسيَّةٌ عمياءُ لا يَبِينُ لها غيرُ الربح، تُغرِقُ بلدانَنَا الْمُفَقَّرَةَ الْمُجَهَّلَةَ في محيطِ الاستهلاك، وتَغْمُرُ كيانَ الإنسانِ من المهدِ إلى اللحد بما تتقنُهُ من ألوان الإشهار وفن التسويق، حتى يفقدَ معناهُ وجدوى تصرفاته، ويدفع به التعليم المُسَوَّقُ الذي تربّى في أحضانه إلى الاستهلاكِ باستمرار، ولا يسألُ الرأسمالُ المتوحِّشُ عن فائدةِ الإنتاجِ ولا عن مدى قدرة المواردِ والموادِّ الخامِّ على توفيرِ المزيد، فليس يهمه إلا أن يستمرَّ الاستهلاكُ بمزيدٍ من الدعايةِ والإشهار، ولو بتدجينِ عقل الإنسانِ حتى يَظَلَّ يلهثُ في طلبِ المنتجاتِ وإن فَرَغَتْ منها الأسواق، ولو برَهْنِ مصيرِهِ وحاضِرِهِ ومستقبلِه بها، وغزْوِه في سائر الميادينِ والمجالاتِ التي تتكوَّنُ فيها شخصيتُه، حتى تتشَكَّلَ وتَصَاغَ بما يريدُهُ السوق، ولو بحرمانهِ وتعاستِهِ من أجلِ رفاهيةِ وسعادةِ أربابِ المال.
... وتتغَيَّرُ القناعاتُ بشكلٍ لا شعوري، فتغدو المعرفةُ سوقًا والسوقُ معرفة، وتغزو روحُ الاستهلاكِ المدارس، فتتربى الناشئةُ في مناخٍ اِستهلاكيٍّ حار، تسيطرُ على مخيلتها الصور والألوانُ التي تشاهدها في التلفزة والأنترنت والمجلات والجرائد ولافتاتِ الإشهار في الشارع، ويتولَّدُ لديها الشعور بالحرمانِ كلما تطلَّعت للمزيد، وليس يشفي غليلَها من ذلك شيءٌ مهما كَدَّ الآباءُ واجتهدوا في إرضاء فلذات أكبادهم، ومهما بَذَلُوا لتربيتهم على القيم لم يُدْرِكُوا إلا فائدةَ المزايا المادية، وقَصُرَ فهمُهم للمجتمع والحياةِ في ظلِّ تعليم السوق وسوق التعليم". [2]
ونصل إلى المحور الثالث الذي يعالج إشكاليات أخرى عن علاقة التعليم بالتنمية، وعلاقة الجامعة بالمجتمع، وأثناء معالجة تلك الإشكاليات ينتقد الكاتب كثيرا من مواد وفصول "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، بينما يتطرق غالب هذا المحور لإشكاليات تتعلق بالتعليم القرآني والتعليمين الأصيل والعتيق وجامعة القرويين، وسبل الإصلاح الممكنة للتعليم من منظور خاص ذي مرجعية إسلامية محضة، وهو ما يتجلى بشكل أقوى وأوضح في المطلبين الأخيرين للكتاب.
نقرأ من خاتمة الكتاب:
"كيف يتسنى للأمة أن تساهم في النهوض بتعليمها وفق اختياراتها وهويتها؟
كيف تفعل وهي تَبَعٌ مجرورةٌ مسحوبةٌ بقيود ثقيلة في ركاب النخبة المغرَّبة، تسير بها من سيء إلى أسوء، وتحرمها حق التعبير عن نفسها بنفسها؟
... مناهجُ متعددةٌ وبرامجُ ومخططات، ولقاءاتٌ وحواراتٌ واجتماعات بُذِلَتْ وتُبْذَلُ فيها الأموال، وكَيَانُ التعليم في كل مرة منها يتمزق رويدا رويدا، ويَهْوِي به سَدَنَةُ الاستعمار المتسللون عبر سراديب القرار إلى حضيض التبعية والانفصام، فلا تزيده المناهج والبرامج المتجددة إلا انحسارا وانكسارا، وينسرب بينها الغرس اللائيكيُّ الذي نما واستطال في مشاتل أنظمة التعليم، فلا يزيدها إلا خسارا، ويُلْتَمَسُ شفاء الأدواء وعلاج الأوباء التي نَخَرَتْ جسمَه من وصفات البنك الدولي، ويعدو وراءها الخَلْفُ المهزوم حضاريا وسياسيا ليتقمَّمَ ما يفضُلُ من موائد غُزَاةِ الأمسِ أُسَاةِ اليوم، ويَرْوِيَ غُلَّتَهُ بثُمَالة شرابهم، ويَغْمُرَ عقولَ بنيهِ في حُثَالَةِ فكرِهم، فلا يزيدُ جسمَ التعليم إلا سَقَاما.
وتسقطُ القيمُ وتغتِرِبُ الأخلاقُ والشِّيَم، ويَحكُمُ السوقُ أن نحيى في عقر ديارنا وبين أهلينا غربةَ المَنْفِيِّ المذءوم، لا الإعلامُ ولا الثقافة ولا الفن ولا التعليم المفروض علينا يلائم هويتنا، ولا الحياة التي يغرقنا في يَمِّهَا السوق شاءت لنا كرامةً أو أمنا، ولكنها المصالحُ تقضي بالعزة لمن تشاء وتذل من تشاء، وتسيطر على المعرفة، وتقتحم التعليمَ لتفرغه بأطماعها من جدواه، فإذا به ينسلخ من مضمونه التربويِّ شيئا فشيئا، حتى يصبح تعليمًا من غير تربية، وما نَفَعَ تعليمٌ بغير تربية.
وليس يغني عن التعليم شيئا أن يقترن دائما بمصطلح التربية لفظًا بغير روح، ومبنًى بغير معنى، أو أن يتصدى له موظفونَ يتلقون الأجرة آخرَ الشهر لا تعنيهم في شيءٍ رسالة التعليم وجوهر المعرفة وغاية العلم، وما كان للتربية أن ينضد زهرها ويعبق ريحها وينتشيَ المتلقي بطيب شذاها إن لم تكن أسوةً حسنةً من المُرَبِّي المعلم، لأنها تذبل وتتهشم وينكفئُ أثرها إن كانت كَلاَمًا ونظرياتٍ لا يعكسها سلوكٌ ولا تجسدها قدوة.
... إنه لا صلاحَ ولا إصلاحَ لتربية ولا تعليم إلا إذا كان نابعا من إرادة الأمة وذاتيتها، تسهم فيه بطاقاتها وقواها الصادقة بعيدا عن آفة الاستلاب وأغلال التبعية، وقريبا من المعاني التربوية الأخلاقية الإنسانية، لتنطلق به إلى أفق الحرية الذاتية، وتسمو به إلى مكانته اللائقة التي
Inscription à :
Articles (Atom)